الثلاثاء، ديسمبر 08، 2015

مليكة مزان : أخجل من صغر قامتي النضالية أمام نضال النساء الكورديات

(حوار أجرته أفين أحمد صحافية بـ "شبكة الإعلام الكوردستاني" / إقليم كوردستان العراق)

مقدمة الحوار :

سيدتى.. يشرفنا في "شبكة الإعلام الكوردستاني" أن نجرى حوارا صحفيا مع حضرتك حول كل ما يتعلق بمواقفك إزاء الوضع الراهن في "العالم العربي" والقضية الكوردية، وكذلك دور المرأة الكوردية في مواجهة إرهاب الإسلام السياسي... لكن قبل الدخول في صميم الموضوع أود أن أنقل لحضرتك خالص الود والتحية من الشعب الكوردى في كوردستان نظرا لمواقفك الرائعة والمشرفة إزاء الكورد شعبا وقضية، وباسم أبناء وطني أشكر لك مواقفك الشجاعة متمنية لك ولشعبك الكريم كل الحب والتقدير.

نص الحوار:

ـ س: من هي مليكة مزان، وبماذا تحلم؟         

ـ ج: مليكة مزان كاتبة وناشطة أمازيغية أعلنت نفسها امرأة كاملة السيادة، وكل حلمها ألا يتجرأ أي رجل بعد الآن على أن يتدخل في شؤونها الخاصة (أو العامة)، ومهما كانت صفة ذاك الرجل أو سلطته، فقد تعبت المرأة من كل الأساليب الرجالية، عفوا الأساليب الذكورية للحكم حتى الآن.

ـ س: كيف ترين مليكة مزان بدون شعر أو قضية؟

ـ ج: امرأة لا معنى لوجودها، أو امرأة ليس من حقها أبداً أن تكون.

ـ س: هل ثمة تشابه بين القضية الكوردية والقضية الأمازيغية؟

ـ ج: التشابه بين القضيتين موجود على أكثر من صعيد، وهو سبب تلاحم الشعبين وتضامنهما، لكن يكفي السؤال عن وجه واحد من أوجه الاختلاف لنقول بألا أوجه حقيقية للتشابه بينهما، فبالنظر إلى ما يقوم به الشعب الكوردي، (سواء في مجال العمل السياسي أو العمل العسكري) لإثبات وجوده والدفاع عن حقوقه لا نرى لشعبنا الأمازيغي أي تحركات مماثلة إلا ما كان باهتا منها أو عديم الأثر على الإطلاق.

ـ س: كيف تصفين دور المرأة الكوردية فى نضالها من أجل الحرية؟

ـ ج: يكفي أن المرأة الكوردية تواجه الآن أشرس قوى الهمجية والعدوان لنقول بأن دورها هذا دور تاريخي فريد من نوعه، دور أتمنى ألا يكون له في المستقبل من مثيل، وذاك حتى لا يكون ذاك المثيل دليلا ضدها وضد المرأة عامة في حربها على الهمجية... يسعدني هنا أن أنتهز فرصة الإجابة على هذا السؤال لأشكر النساء الكورديات على نضالهن وشجاعتهن وتضحياتهن، ولأعبر لهن جميعا عن خجلي من صغر قامتي أمام قاماتهن النضالية الفارهة.

ـ س: العقلية السياسية العربية هل تسمح بظهور كيانات مستقلة في المنطقة؟

ـ ج: العقل العربي مهووس بالسيطرة وبإنتاج وابتكار السياسة التي تخدم تلك السيطرة، مهووس بها هوسا يمكن القول معه بأن هذا العقل ما خلق إلا لشيء واحد:

أن يلتهم كل ما في محيطه من كيانات حتى ولو كانت أحق منه بالوجود، على أساس أن تلك الكيانات أقل نرجسية منه، بل وأقل طموحات توسعية، بل وأقل شراسة ودموية.

وليشفى العقل العربي من هوسه القومي التوسعي هذا ننتظر منه أن يصير أكثر إنصاف وعدالة، وقبل ذلك أكثر نزاهة وموضوعية، وقبل ذلك أكثر جرأة وشجاعة، مع العلم أن ليس هناك من شجاعة كشجاعة مواجهة الذات بفضح نزعاتها الوحشية، وتصحيح قناعاتها الهمجية، والتخلي عن اختياراتها العدوانية، بل ولمَ لا بالانقلاب عليها بأن يتم استبدال ثقافتها الهمجية الموروثة بثقافة جديدة أقرب إلى العقلانية والإنسانية. بنجاح انقلاب الذات العربية على نفسها (بالإضافة إلى عوامل أخرى) يمكن لتلك الكيانات الشرعية المستقلة من الظهور في المنطقة.

ـ س: هل أصبح ما يسمى بجهاد النكاح من أسباب انخراط الشباب في صفوف داعش، ثم ماذا عن الشابات؟

ـ ج: حين يتم غسل الأدمغة وتدجين الأرواح ودغدغة الحاجيات الضرورية للأفراد، يمكن للجسد أن يضعف تماما، وألا يتردد لحظة في أن يضع خدماته العضلية والذهنية بل والجنسية رهن إشارة أول طالب حتى ولو كان شيطانا، فكيف إن كان ذاك الشيطان يرتدي عباءة مجاهد.

للأسف شبابنا اليوم ضحية للسياسات الفاشلة المتعبة حتى الأمس القريب، وضحية لطغيان الإيديولوجيا العنيفة الموروثة من ذاك العهد البعيد، ولن يجد خلاصه الأخير إلا بمعجزة لن تتحقق سوى على مراحل، وعلى أكثر من صعيد.

ـ س: تحت مظلة الدين والشرع والفتاوى دفعت المرأة ثمنا باهظا في المجتمعات الإسلامية على وجه الخصوص، برأيك إلى أي مدى أصبح الدين أداة لقمع المرأة؟

ـ ج: إلى ذاك المدى الذي صار كل ذكر ذكر معه (حتى وإن كان ناقص عقل ودين، وعديم ذوق وإحساس وضمير) داعية من دعاة الدين يمارس ما يحلو له من تكفير وترهيب، ومن إدانة وتجريم، ولهدف واحد:

أن يبقى المستنقع الذي تحت سيطرته مستنقعا، سواء كان بيتا، أو شارعا، أو مدرسة، أو مسجدا، أو مقر عمل، أو حتى حكومة، أو برلمانا، أو قصرا... ولعل أول كائن يشكل تهديدا لمستنقعه ذاك هو المرأة، فثورة المرأة هي مفتاح كل تغيير حقيقي جميل، وأنت تعلمين ألا عدالة حقيقية ولا حرية حقيقية إلا تلك التي تنتزعها المرأة لنفسها ولمجتمعها طبقا لما وضعته هي لها من شروط ومفاهيم.

ـ س: ما هو جديدك الثقافي، وبماذا يتميز عن أعمالك الأخرى؟

ـ ج: أحاول دائما أن يكون لي جديد ما، إذ يؤلم امرأة وحيدة مثلي أن تكون نهايتها بعيدا عن عالم الكتابة، سحره وجنونه، تلك الكتابة التي كانت قد ضحت من أجلها بكل شيء. حاليا أنا بصدد مراجعة كتابي "بكل جوعي إليك"، وهو مجموعة من الرسائل المفتوحة إلى المفكر والناشط الحقوقي الأمازيغي أحمد عصيد، وكذا مراجعة كتابي الأخير تحت عنوان: "لأن الأصل هو الغياب"...

ـ س: متى ستزورين كوردستان؟

ـ ج: سأزورها حين سيعبر لي الشعب الكوردي (من خلال مؤسسة رسمية أو من خلال إحدى منظمات المجتمع المدني) عن رغبته في أن تتشرف قدماي بمعانقة تراب أرضه المقدسة. لا أحب أن أقوم بأي زيارة من تلقاء نفسي تفاديا لما قد يقوم به البعض من قراءة تعسفية لمبادرة كهذه.

ـ س: هل من كلمة أخيرة؟

ـ ج: كنت أتمنى لو لم يكن الشعب الكوردي مضطرا لخوض كل هذه المعارك الضارية التي أودت بحياة كثير من نسائه ورجاله في سبيل إسماع صوته وتحقيق مطالبه، لكن شاءت الهمجية المتجددة في المنطقة أن يكون للحرية والكرامة كل هذا الثمن.

أنتظر من الشعب الكوردي أن يتذكر (وهو يبني مستقبلا أسس دولته المستقلة) كل هذه التضحيات، وذلك بأن يحرص كل الحرص على أن يوفر لجميع أفراده، وبما ينبغي من عدل ومساواة، ما ناضلوا من أجله جميعاً حتى لا يجد أي منهم أيما مبرر لأن يحن إلى ما كان له من فضلات حياة وحرية وكرامة تحت الحكم المستبد للغرباء من عرب وفرس وأتراك.