الثلاثاء، ديسمبر 08، 2015

مليكة مزان : كل أجزاء بلادي يسكنني حبها ولا أنحاز إلى منطقة دون غيرها

(حوار أجراه الصحافي " علي باعراب " لصالح موقع تنجداد 24)

نص الحوار:

ـ س: ماذا تعرف الأستاذة مليكة مزان عن الجنوب الشرقي للمغرب؟

ـ ج: هو جزء لا يتجزأ من مغربنا الأمازيغي، لكنه للأسف جزء مضروب عليه الحصار من طرف الإعلام العربي العنصري، لذا لا يعرف عنه الكثيرون إلا القليل. ننتظر جميعا من أبناء المنطقة الغيورين أن يسمعوا صوت هذا الجزء إلى الضمير الوطني والعالمي أكثر مما يفعلون.

ـ س: كيف ترى التهميش الذي تعاني منه هذه المنطقة المعزولة؟

ـ ج: هو ظلم صريح في حق أبناء المنطقة، وظلم في حق كل الوطن وكل الشعب. أتمنى مع سياسة الجهوية الموسعة في تدبير الشأن المحلي أن يجد السكان فرصة جميلة لتسيير شؤونهم وإيجاد المناسب من الحلول لمختلف مشاكلهم.

ـ س: كيف يمكن لمليكة مزان أن تثبت مصداقيتها في الحديث عن الأمازيغ بقدم الأطلس الكبير؟

ـ ج: كل أجزاء بلادي المغرب يسكنني حبها وتحركني الغيرة على هويتها ومصالح سكانها ومصيرها، ولا أنحاز إلى منطقة دون غيرها، إلا أني بسبب بعد المسافات وقلة التواصل بيني وبين أبناء المنطقة لا ألتفت إلى هذا الجزء بشكل خاص، ولعل ذلك يعود أيضا إلى أن قضاياه المعقدة تتجاوزني كشاعرة ترى نفسها عاجزة عن كسبها أمام اللوبي السياسي والاقتصادي الذي يمتص دماءها مصا في تجاهل تام لأوجاع الساكنة بل واحتجاجاتها المتواصلة.

ـ س: هل هناك محاولات إجرائية لزيارة هذه المناطق؟

ـ ج: لو أن أبناء المنطقة أرسلوا إلي بدعوة خاصة لزيارة المنطقة، فأكيد أني لن أرفضها أبدا، كما أن زيارتها بدعوة رسمية ستكون لها أصداء وأبعاد أخرى غير ذاك البعد السياحي الشخصي لأية زيارة قد أقوم بها من تلقاء نفسي.

ـ س: يقال أن الأستاذة مليكة ستتفرغ للعمل الجمعوي وتغيب عن أجواء الصدامات في الرباط وفي غيرها، فهل هذا صحيح؟

ـ ج: هو خبر صحيح على أساس أن حالتي الصحية لم تعد تسمح لي بالخروج إلى الشارع لمشاركة الجماهير الأمازيغية احتجاجاتها المشروعة، وقد رأيت في مواصلة الكتابة وما كنت قد انخرطت فيه من عمل خيري جمعوي شكلا محترما من أشكال نضالي في سبيل كرامة وحرية هذا الشعب.

ـ س: أليست هناك نوايا متميزة للعودة لمعانقة مشاكل الوطن والناس؟

ـ ج: بل السؤال هو: كيف يمكن الحديث عن أي عودة وأنا في الواقع لا أستطيع الغياب تماما ما دمت هذه المرأة الأمازيغية المسكونة دائما بهموم الشعب والوطن؟

ـ س: إلى أي حد يعتبر الأمازيغ في مناطق الجنوب الشرقي مساندين للمناضلة مليكة؟

ـ ج: يحصل من حين لآخر أن أتوصل برسائل من بعض الشباب الغيور والواعي من أبناء المنطقة، في تلك الرسائل أجد احتراما كبيرا لشخصي، وفهما جميلا لحقيقة نواياي، واعترافا بصدق غيرتي الوطنية والقومية.

غير أني أمام دعم وتشجيع وثقة هؤلاء أجدني أخجل من عجزي عن تقديم أي دعم حقيقي ملموس لمنطقتهم، ذاك أن مثل هذا الدعم يحتاج في نظري إلى إمكانيات مادية هائلة أو على الأقل إلى منصب سياسي، فكيف أدعمهم إذاً وأغلب سكان المنطقة إما غير واعين إطلاقا بأهمية العمل السياسي، وإما فقط عازفين عنه بسبب كونهم، (لكثرة ما خيب آمالهم كثير من رجال السياسة) لا يستطيعون الثقة حتى في من أثبت نضاله أنه أهل لتلك الثقة؟

ـ س: الكثيرون من عديمي الفهم أو الضمير يتهمون الأستاذة مليكة ويرمونها بالفسق وما إلى ذلك من الإلحاد والفجور، هل تنوي مليكة مزان تغيير نظرة هؤلاء إليها؟

ـ ج: لقد أسميتهم أنت (وكثيرون غيرك قبلك) بأنهم من عديمي الفهم والضمير، فإذا كانوا كذلك (وهم بالفعل كذلك) فلا يمكنني إلا تجاهلهم والترفع عن إساءاتهم، ذاك أني لو جعلت همي أن أساعدهم على فهمٍ هم أصلا لا يريدونه فلن أفعل شيئا سوى إضاعة وقتي بدل الانصراف إلى القيام بإنجازات أخرى أهم. عامة لا يهمني رأي العابرين لهذه اللحظة الزمنية ولا لهذا المكان، بل ما يهمني أساساً هو رأي التاريخ. وأنا على يقين من أن الأجيال اللاحقة ستنصفني في كل ما ظُلمت فيه أيما ظلم.