الأربعاء، مارس 26، 2008

مليكة مزان : أتبرأ من كل أمازيغي خائن نذل ...

(أجرى الحوار الشاعر الأمازيغي محمد أسويق، ونشر بموقع "تاوالت" بليبيا الأمازيغية الشقيقة)

مقدمة الحوار:

أجرى الشاعر محمد أسويق حواراً مع الشاعرة الأمازيغية المعروفة مليكة مزان، وهى شاعرة تعرضت إلى انتقادات شديدة وظلت محل جدل طوال الفترة الماضية، ويعود ذلك إلى أحاديثها وأشعارها ومقالاتها التي تستفز العروبيين والإسلاميين على وجه التحديد، والشاعر محمد أسويق حاول أن يسألها عن الكثير، تتابعونه في هذا الحوار*.

نص الحوار:

ـ س: باعتبارك مشاركة في المهرجان العالمي الأول للشعر بفرنسا والذي انتدبتك المؤسستان المنظمتان له كممثلة للعالم الأمازيغي (بلاد تامازغا) ما هي آخر المستجدات؟

ـ ج: آخر المستجدات أن المهرجان تم تنظيمه فعلاً كما انطلقت أنشطته في الوقت المحدد، لكن من دون أي مشاركة أمازيغية تذكر بما في ذلك مشاركتي شخصياً، تلك المشاركة التي رفضتها في آخر لحظة لأنها لم تكن لتشرفني لا أنا شخصياً ولا قضيتنا العادلة.

سبب ذلك يعود لكثير من العراقيل التي حالت دون مشاركة الأمازيغ أذكر منها تعامل كل الذين يتزعمون الغيرة على الثقافة الأمازيغية وفي كل أنحاء تامازغا بكثير من اللامبالاة، إما على أساس عجزهم عن تقديم أي دعم مادي لهذه المشاركة، أو فقط على أساس أن شاعرة في مثل التزام مليكة مزان هي، لا غيرها، من انتدبت لتمثيل عالم أمازيغي بدا لي ساعتها أنه لا يهم البعض في شيء أن يكون أو لا يكون.

بالإضافة إلى غياب أي دعم مادي من طرف المهتمين بالشأن الثقافي الأمازيغي كانت هناك مستجدات هي ما دفعني شخصيا إلى التراجع عن أي مشاركة وتتعلق بتذبذب موقف مدير المهرجان نفسه من القضية الأمازيغية، تلك القضية التي كنت أنوي استغلال مناسبة المؤتمر(الذي كان مقرراً عقده على هامش المهرجان برعاية من منظمة اليونسكو) لطرحها، وهو الهدف الذي اتفقت عليه منذ البدء مع مدير المهرجان.

لكن هذا الأخير صار يتنصل من الوفاء بوعده تدريجياً حتى بلغ به الأمر قبل أسبوع فقط من انطلاق أنشطة المهرجان أن يقترح علي بأن أكون الناطق الرسمي لما يسمى بـ"العالم العربي" في المؤتمر المذكور.

هكذا وجدتني أخرج من كل محاولاتي لضمان المشاركة الأمازيغية المشرفة لنا في مهرجان من هذا الوزن بكثير من السخط، أولاً على كل الذين يدعون الغيرة على وجودنا الأمازيغي في كل أبعاده، وثانياً على مدير المهرجان نفسه الذي أخلف وعده.

كما خلصت من كل ذلك إلى أن قضية لا تجد لها من الرجال من يحمل أمانتها، وبما ينبغي من صدق ووفاء ومن شجاعة واستعداد للتضحية من أجلها بكل شيء، هي قضية لا يمكن لها أن تحقق مطالبها مهما بلغت قوة عدالتها.

ـ س: حين يرفض المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية دعم شعراء ومبدعين أمازيغ من الريف والأطلس المتوسط للمشاركة في مهرجان من هذا الوزن ألا يحق لنا القول بأن المعهد مجرد لوبي سوسي أناني براگماتي ليس إلا؟!

ـ ج: ليس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بكل هذه الشفافية، أو لنقل فقط بكل هذه الشجاعة ليرفض دعم مبدعين من الريف والأطلس المتوسط رفضاً صريحاً ولمجرد الرفض.

ذاك أن المعهد رفض الاستجابة لطلب دعم قدمته مليكة مزان لصالح شعراء من مختلف جهات المغرب، وليس فقط من جهتي الريف والأطلس المتوسط. ولعل سبب الرفض هو أن مليكة مزان لا غيرها هي من تقدمتْ بذاك الطلب.

لقد اتضح أن المعهد برفضه ذاك إنما كان فقط ينتقم من احتجاجي القوي (ذات ندوة نظمت بالمعهد العالي للقضاء بالرباط صيف 2005 حول دور المرأة الأمازيغية في الحفاظ على التراث) على تجاهل عميده لرسالة شكوى كنت رفعتها إليه في حق اثنين من باحثي المعهد، ولم تكن لتسعف هذا العميد أي شجاعة تذكر لينصف امرأة أمازيغية مناضلة مثلي مما لحقها بين جدران مؤسسته الموقرة من تحرش جنسي وعنف جسدي.

من أجل تفعيل انتقامه ذاك كان المعهد يجد دائماً مبررات لرفض أي طلب أتقدم به لدعم مشاركة شعرائنا الأمازيغ، مبررات تفهمتها في البدء، لكن ما كان لي أن أتفهمها أبداً حين أرسل مدير المهرجان نفسه برسالة إلى السيد العميد يدعوه فيها إلى شراكة فعلية في تنظيم المهرجان إلى جانب كل من مؤسسة شعراء في باريس وبلدية باريس ومنظمة اليونسكو، مع ضمان وضع شعار ورمز المعهد في كل الملصقات والإعلانات المتعلقة بالمهرجان.

إني بعد تجربتين لي مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كامرأة أمازيغية أولاً وكشاعرة ملتزمة ثانياً، وفي شخص أكبر الفاعلين به (بل وفي شخص أفراد آخرين يتحكمون في قراراته عن بعد) يمكنني أن أقول لكل الأمازيغ أن عليهم مع هذا المعهد (ومنذ أن آلت رئاسته إلى الجوقة السوسية التي تعزف فيه مكر التلاعب بالكرامة الأمازيغية برئاسة مايسترو الخفاء ذاك الغني عن كل تعريف) أن عليهم أن يتأكدوا من حقيقة مؤسفة مفادها أنهم إن كانوا قد أفلتوا في وقت مضى من القبضات القوية التي كانت تمتص دماءهم فما ذلك إلا لتشد على أعناقهم قبضات أخرى وهذه المرة من ذوي القربى وأشد خبثا وفتكاَ.

ـ س: علمنا من مصادر موثوقة أن القنصليات الفرنسية بالمغرب رفضت منح التأشيرة للشعراء المدعوين إلى فرنسا. كيف تعتبرين هذا المنع والذي هو في تناقض كلي مع شعار المهرجان الذي هو السلام والتعايش والتآخي؟

ـ ج: فعلاً لم يتمكن الشعراء الذين توصلوا بدعوات المشاركة من الحصول على تأشيرة الدخول إلى فرنسا رغم أنهم كانوا مستعدين لكل تضحية من أجل إسماع صوت شعرنا الأمازيغي الأصيل بين فضاءات باريس التاريخية والحضارية، ووسط جمهور واسع كان سيحضر من مختلف أنحاء العالم ومن مختلف الثقافات.

يعود ذلك إلى ما صارت تتخذه فرنسا في ظل الحكومة الجديدة من تدابير صارمة للحد من الهجرة نحو أراضيها والدفاع عن أمنها وسلامتها، وأرى أن من حق فرنسا أن تتبع من التدابير ما يحميها من تبعات كل سياسة فاشلة متبعة لدينا، سياسة تقفز على حاجياتنا الحقيقية الأساسية لتجعلنا دائماً مصدر إزعاج وخوف بالنسبة لغيرنا.

أما التناقض بين هذه التدابير وشعارات المهرجان فهو تناقض قائم وواضح، ويعود إلى واقعية كل رجل سياسة فرنسي، وإحساسه بالمسؤولية الضخمة إزاء مصالح بلده الخاصة، هذه الواقعية أمر ضروري لاشتغال الحكومة في انسجام تام مع إرادة الشعب الفرنسي واختياراته، ولم يكن بوسع شاعر حالم مثل السيد إيفان تيتيلبان، مدير  المهرجان، أن يفعل إزاءها أي شيء ليكفي نخبنا المثقفة شر تجرع هذا النوع من الذل كلما أرادت أن تمارس حقها في التنقل من أجل أي تواصل ثقافي مع نخب الحضارات الأخرى، حضارات قد أثبت أنها أكثر احتراماً وإكراماً لإنسانية أبنائها من كل حضارة مزعومة لدينا.

ـ س: مليكة مزان اسم بارز في أوساط الحركة الثقافية الأمازيغية بل ومشرف للقضية الأمازيغية، لكن ما يلاحظ على كل كتاباتك أنك صريحة فيها وجريئة وصارمة وواقعية وعنيدة... ألاَ يؤرق هذا التميز الكتابي النوعي بعض أوساطك العائلية بفهمه الخاطئ لقناعتك المبدئية المرتبطة بقضية عادلة كالقضية الأمازيغية وعلى اعتبار أن مجال المرأة حسب هذا الفهم هو البيت والمطبخ لا غير؟

ـ ج: كتاباتي (بما فيها من جرأة وعناد متعمدين) نابعة من رفضي الخاص لقدرنا الأمازيغي هذا المر، ومن غيظي إزاء هذا الإحساس الدائم بالعجز عن اجتثاث مثل هذا القدر واستبداله بأيما قدر آخر.

ولأني أرْجع كل عجز عن الانتصار على هكذا قدر إلى منظومة فكرية وسلوكية متحكمة فينا فقد ارتأيت الحاجة الماسة إلى كتابات جريئة تنسف سلبيات هذه المنظومة لتصير أكثر عقلانية، أي أكثر شجاعة لأن تقطع مع كل تصور رجعي متخلف للعالم والناس والأشياء والعلاقات ولأن تعانق تصورات أخرى من شأنها أن تنتصر لكرامة لإنسان وحده ضداً على كل الإيديولوجيات والسلوكات القاتلة.

لهذه الغاية جاءت كتاباتي (الشعرية منها والنثرية) إبداعاً أصيلاً جريئاً ومشروعاً إنسانياً نبيلاً، أردت أن أثبت به أن بإمكان المرأة الأمازيغية استرداد مجد الريادة حين يتعلق الأمر بضرورة الانتصار لكل حرية وكرامة، كرامة الإنسان قبل كرامة أي مقدس وكيفما كان. أجل الانتصار لكل ذلك بما تعودت المرأة الأمازيغية استنباته من مخالب الرفض والإباء، مخالب نابعة من جراح الأرض والأمة الأمازيغيتين، مخالب ترعاها وتشحذها حسرات الموتى والشهداء، وأوجاع المقهورين من الأحياء.

ويصعب على القارئ الأمازيغي أن يتصور أنواع العنف والضغط التي أذهب ضحيتها في وسطي الأسري والعائلي بهدف إقناعي بالتراجع عن مواقفي وتصريحاتي ومختلف كتاباتي، وكل ذلك بسبب هذا التخوف المجاني من مشروعي الإبداعي والإنساني، تخوف نابع من سوء فهم فظيع لروح المشروع وغاياته.

وهو تخوف لم يكن وارداً لو لم يكن هذا الوسط مجرد امتداد لأي وسط إسلامي ذكوري رجعي، مستنكر لكل حق من حقوقي في التفكير العقلاني، وفي الكتابة الحرة المسؤولة سواء انتصاراً لاختلافي العرقي والثقافي والجنسي، أو دفاعاً عن أي اختيار حياتي آخر، واع لديَّ ومسؤول، اختيار يجعلني أرفض مزيداً من الاستلاب ومزيداً من الاستغلال، وأشمئز من الاقتصار على لعب دور أي جارية أمازيغية جميلة مستلَبة، مطيعة لأوامر ونواهي سيدها العربي المسلم الذي يظن أن ما بين لكماتٍ من قبضتيهِ الكريمتين كل مفاتيح الجنة، وعند ركلاتٍ من قدميهِ الشريفتين خلاص الجارية الديني والدنيوي.

ـ س: هل لمليكة مزان من كلمة أخيرة في هذا الحوار؟

ـ ج: أحب أن أختم هنا برسالة مفتوحة أوجهها للمعهد وأمازيغ المعهد إخوتنا السوسيين القابضين على مفاتيح خزائنه، رسالة لن تمنعني من توجيهها نصيحة الأب الروحي لكل نضال أمازيغي شريف السيد محمد شفيق حين دعاني (خلال زيارتي له في بيته بالرباط صيف 2006) إلى أن أغفر دائماً لبعض الأمازيغ ما يرتكبونه من أخطاء في حق قضيتهم العادلة وحق إخوة لهم في النضال. نعم لن تمنعني تلك الدعوة المتعالية الطيبة من توجيه هذه الرسالة، رسالة لا أريد منها سوى وضع أمازيغ المعهد أمام ضمائرهم بمناسبة الحقائق الست الآتية:

ـ الحقيقة رقم 1: أني، في سعيي إلى التعامل مع معهدهم، وأنا أعرف ما أعرفه من مقاطعة كثير من الأمازيغ له، ومن استخفاف العرب العنصريين لدينا منه ومن مهمته، لم أفعل ذلك إلا لتحقيق أربع غايات:

ـ الغاية الأولى: مصلحة شخصية غير مباشرة وأحتفظ بها لنفسي، وقد يطلع عليها الآخرون من خلال مذكراتي التي أتمنى القدرة على مواصلة كتابتها، لتكون عند نشرها نقمة على أشباه الرجال وأشباه المثقفين وأشباه المناضلين الذين ابتليت بهم الأمة المغربية (من عرب وأمازيغ) شاء قدري أن أتعامل معهم ذات يوم.

ـ الغاية الثانية: وضع المعهد في موقف حرج بهدف التأكد من صدق استعداده لأي تعاون معي يخدم الثقافة الأمازيغية، ذلك الاستعداد الذي عبر عنه عميد المعهد نفسه في إحدى رسائله الرسمية إليَّ، محاولاً فقط مراوغتي لطي صفحة الصراع الذي نشأ بيني وبين اثنين من باحثيه، وكان قد وقف فيه إلى جانب الباحثيْن.

ـ الغاية الثالثة: استغلال مناسبة المهرجان لوضع المعهد أمام محك آخر أقوى بهدف اختبار مدى إيمانه بضرورة النهوض بالأمازيغية، ومعرفة أي نوع من النهوض ذاك الذي يريده لها، ولأي مدى...

ـ الغاية الرابعة: استغلال إمكانيات المعهد المادية لإيصال صوت شعرائنا، وبالتالي صوت قضيتنا العادلة إلى باقي أنحاء المعمور من خلال منبرين عالمين للشعر من وزن مهرجان ومؤتمر باريس، وذلك بعد أن لمست ما لمسته من جهل كبير فظيع لكثير من المثقفين الأجانب بوجود شعبنا الأمازيغي، فكيف بوجود ثقافة له أصيلة غنية ونبيلة، وقضية له عادلة، قضية كم هي في حاجة إلى تفهمهم وتضامنهم الإنساني.

ـ الحقيقة رقم 2: أن المهرجان كان فرصة طيبة فوتها المعهد على نفسه بمنتهى الغباء بدل انتهازها ولو لمجرد تجميل صورته لدى كثير من الأمازيغ الغير الراضين عنه وذلك:

1 ـ بالتصالح مع شاعرة أمازيغية ملتزمة انتدبت من جهات أجنبية مرموقة لتمثيل ثقافتها وشعبها ووطنها بأن يستجيب لطلب الدعم الذي تقدمت به وبأي شكل من أشكال الاستجابة، لعل هذه الشاعرة الملتزمة تغفر له استخفافه السابق بها يوم كان باستطاعتها أن تنسف سمعته أمام القضاء وفي مختلف الصحف الوطنية انتقاما على الأقل لكرامتها، غير أنها أبت أن تفعل، احتراماً منها لرابطة الدم الأمازيغي القوية التي ظنت أنها قائمة بينها وبين موظفيه وباحثيه.

2 ـ بالإثبات لكل الذين لا يكفون عن انتقاده من الأمازيغ، وكل الذين يراوغونه من المسؤولين العرب حين يتعلق الأمر بضرورة تسهيل أدائه لمهامه، بأنه معهد يغار فعلاً على الأمازيغية، وأنه قادر بإرادته القوية وإمكانياته الضخمة على النهوض داخلياً بالأمازيغية، كما هو قادر على إيصال صوت وأصالة هذه الأمازيغية إلى أبعد الأوساط الثقافية العالمية سواء في باريس أو غير باريس.

ـ الحقيقة رقم 3 : أن مليكة مزان إن كانت فشلت في إيصال الشعراء الأمازيغ إلى فضاءات باريس بسبب غياب أي دعم مادي من المعهد ومن غير المعهد، فإنها على الأقل حققت لأحد باحثي المعهد نبوءته المشؤومة، حين سخر منها في حسد وشماتة واضحين ليقول بأنها لن تكون لدى منظمي المهرجان سوى سفيرة فاشلة للأمازيغ، وكأنه كان يدري مسبقاً بتلك العراقيل التي كان سيضعها معهده الموقر لإفشال مهمتها.

ـ الحقيقة رقم 4: أن أي تعامل لمليكة مزان مع أمازيغ المعهد لم يكن ليشرفها أصلاً كمناضلة صارت لها مصداقيتها الخاصة داخل الحركة الثقافية الأمازيغية، مناضلة منحدرة من شموخ جبالنا الأطلسية وبالضبط من جهة تادلا ـ أزيلال المقاومة الأبية، ذاك أنها لترفض أن تتحول على يد بعض الأمازيغ الأنذال من إنسانة ذات أخلاق عالية إلى مجرد شيخة أو عاهرة، مع احترام مليكة مزان العظيم لكل شيخات الوطن ولكل عاهرات العالم.

ـ الحقيقة رقم 5:  أن أمازيغ المعهد (مهما أنجزوا لصالح الثقافة الأمازيغية) لن يكونوا سوى نموذج صارخ لذلك المكر أو لذاك الغباء، أو لنقل لمزيج منهما، لكنه على كل حال مزيج قاتـل اشتهر به الأمازيغ عبر تاريخهم القديم والحديث، مزيج يفسر لنا اليوم، كما يفسر لنا ما كان بالأمس البعيد من أسباب تمزقهم وضعفهم وسقوطهم دائماً ضحية سهلة في يد كل الذين أغرتهم خيرات تامازغا بلادهم فتناوبوا على غزوها ونهبها وعلى مرأى ومسمع منهم وعلى مر العصور.

ـ الحقيقة رقم 6: أن المعهد ينسى ـ من خلال مواقف له هي عين السلبية والخذلان سواء إزاء المشاركة الأمازيغية بمهرجان باريس، أو إزاء كثير من الأحداث المؤلمة التي لن أغفرها شخصياً لهذا الوطن والتي من وزن مأساة أطفال أنفگـو وتعرض الطلبة الأمازيغ لمختلف أشكال ومستويات الاضطهاد والعنف في رحاب الجامعات والسجون المغربية، وسلب أراضي الأمازيغ تحت ذرائع شتى، وغيرها كثير فظيع ـ أجل ينسى هذا المعهد ، وليس ذاك من واجباته في شيء، أن الأمازيغية كل لا يتجزأ:

فهي إن كانت ثقافة وحضارة، فهي أيضا وقبل كل شيء أرض وتاريخ وإنسان، وحرية وكرامة، وعِرض وشرف، وإباء وكبرياء.

تلك هي رسالتي إلى المعهد وأمازيغ المعهد (ومن خلالهم إلى كل أمازيغ تامازغا أمثالهم)، وتلك حقائقها الست التي أردت أن أفتح عيونه عليها، حقائق ليس له إلا أن يتدبر على ضوئها كيفية النهوض مستقبلاً بالأمازيغية هوية وثقافة وكرامة نهوضاً حقيقياً بدل هذا التلاعب بمشاعر ومصالح شعب عريق كريم.

كما ليس على المعهد بمناسبة هذه الرسالة وحقائقها إلا أن يستحضر التاريخ العريق لأمة الأمازيغ لعله يستدرك أن امرأة أمازيغية واحدة غيورة صادقة (حتى ولو كانت ساحرة أو كافرة أو عاهرة) خير من ألف رجل أمازيغي خائن نذل.

وأنه إن كان يصعب عليه (بحروف بارزة) الاعتراف بنضال امرأة أمازيغية معاصرة من وزن مليكة مزان فإن أي امرأة أمازيغية عادية (سواء كانت معاصرة أو من غابر الأزمنة) لتتبرأ بدورها من كل أمازيغي نذل طعن كرامة هذا الشعب بخناجر الخبث والخذلان.

ــــــــ

* مقدمة الحوار من وضع أسرة تحرير موقع "تاوالت" الليبي.