الجمعة، سبتمبر 05، 2008

الكاتب العراقي وجدان عبد العزيز : مليكة مزان واحتمالية شعرية أخرى


أحياناً البث المغاير الذي تحركه الانزياحات اللغوية من أنساق ثابتة ومتواضَعٌ عليها إلى أنساق متحركة تثير فينا لحظات دهشة نتحول من خلالها إلى مساحات البحث الدائب وقد لا نصل ، لكن الدهشة وإثارة الانتباه تدفع المتلقي إلى استمرارية البحث ما وراء المغايرات التي صنعها منتج النص ..

أسوق هذه الإشكالية كي أسوغ لنفسي الدخول إلى عوالم نص مليكة مزان المعنون : بـ (ديني .. صفعُ أشباه الآلهة) ، والذي حاولت فيه كشف نقاب الزيف وخرق أستار التخفي والظهور أمام النور بلغة مغايرة تحمل روح السخرية الشفيفة ، فهي غايرت اللغة لتظهر المعنى الحقيقي للحب ، لأن الحب كما أعتقد في عرف الشاعرة ليس الفستان الأحمر والخمر والسهرات الليلية في دياجير الأمكنة ، إنما هو لوحة من الالتزامات تجاه الأحاسيس والمشاعر الصادقة دون مزايدات اللون ..
فأعتقد جازماً حينما أحلل قولها:

( أمس ..
بتشجيع من التخفيضات الأخيرة
على الحب)

أن الحب ليس سلعة معروضة لمزايدات ثمنها الفستان الأحمر والخمر و ...
وأرى أن هذا قد صعد من الانفعالات في داخل الشاعرة كي تقول:

( في حماس العاهرات
ها أضع ما يشبه أجندا السهرة :
في بداية الصلح ...)

تقول في بداية الصلح ثم تسكت لماذا ؟؟ وأي صلح هذا !

مع نفسها أو مع المجتمع ، أم أن هناك خطة في ذهن مليكة مزان لطرحها عبر ديوانها ( ولي في أوج الكفر اعتذار الالهة ) ، وعذري أني لم أطلع على الديوان كاملا ً ، غير أن الصلح الذي أراه هو إيهام خلقته الشاعرة وتركت الأجوبة عائمة في بحر متلاطم من الفراغات ..

فالنص أعلاه رغم قصره وكثافته جعلني كمتلقي أزاور ذات اليمين وذات الشمال لألتقط أنفاسي في نية الدخول ..

وأنا لا أبالغ حينما أقول أني أمام كاتبة لعبت لعبتها في التخفي وإظهار شيء غير الشيء المعني وهو عمق شعري يحسب لها فهي تقول:

( في آخر الصلح ..
سأتوب إلى ما لا ..
أرضاه لصلحي ..
دينا ً..
صفع .. أشباه الآلهة !
...
....
... )
ونلاحظ :
هناك الكثير المسكوت عنه تدل عليه الفراغات التي تنتظر المليء .. ولكن عملية الملأ افتراضية احتمالية تركت اكتمالها تحت أجنحة البلاغة، وهنا حتى بلاغة الصمت كشفت عن نطق خفي متحرك، فهل نفترض احتمالية أخرى في قصائد الديوان الباقية.. قد تكون .. !!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصيدة (ديني .. صفع أشباه الآلهة)
من ديوان : ولي في أوج الكفر اعتذار الآلهة / الرباط ـ 2008