الاثنين، ديسمبر 10، 2012

مليكة مزان : من الظلم أن تستمر سرقة إنجازات شعب أمازيغي بأكمله !

(حوار مع الإعلامي الفلسطيني أحمد محمود القاسم)

نص الحوار:

ـ س: من هي الشاعرة مليكة مزان؟

ـ ج: هي ذاك الصوت الشعري النسائي المغربي الكوني الذي لا يرتعش أمام المنطق المريض لبعض الذكور، سماويا كان أم أرضيا، عربيا كان أو أمازيغيا، ومهما طغى وتجبر.

ـ س: ما هي الأفكار والقيم والمباديء التي تؤمن بها الشاعرة مليكة؟

ـ ج: إنها طبعا تلك المبادئ التي تجعل من الإنسان قيمة القيم، ومن كرامته وحريته أقدس المقدسات.

ـ س: ما هي هوايات الشاعرة مليكة بشكل عام؟

ـ ج: كنت دوما تلك المنخرطة في هذا الرقص الجماعي الإنساني الحالم بانسجام ونشوة محتملين. الآن بعد تراكم الصدمات أكتفي بالتفرج من بعيد، وحين أصاب بالغثيان أهرع بالطبع إلى التقيؤ حتى لا تنجح كل محاولات تسميمي واغتيالي.

ـ س: هل يمكن القول أن الشاعرة مليكة ذات شخصية قوية وصريحة وجريئة؟

ـ ج: مليكة مزان إما أن تكون شاعرة قوية وصريحة وجريئة أو لا تكون.

ـ س: وهل هي متفائلة أو متشائمة؟

ـ ج: الوجود عامة كائن منفلت قد يفاجئك بأي شيء ويربك حساباتك، لذا أرى أن كل موقف مسبق، متفائل أو متشائم منه، هو مجرد استخفاف بطبيعته ومضيعة للوقت.

ـ س: هل لدى الشاعرة مليكة مزان كتب ودواوين شعر مطبوعة ومنشورة؟

ـ ج: ستة دواوين منشورة ومشاريع كتب أخرى في طريقها إلى النشر.

ـ س: هل يمكن القول أن الشاعرة مليكة مزان شاعرة أم أديبة شمولية تكتب شعرا وقصصا وروايات وخلافه؟

ـ ج: مليكة مزان متفرغة لكتابة القصيدة، والقصيدة "المزانية" بالخصوص، أي تلك التي تحمل بصمتي الخاصة، أي تلك التي صارت ماركة معروفة لا يمكن تقليدها بنفس النجاح. غير أن لي محاولة أولى في الكتابة الروائية وأخرى في الكتابة المسرحية، وأتمنى أن يكون لهما ما كان لقصائدي المتمردة الثائرة من قدرة على استفزاز كثير من الضمائر والعقول.

ـ س: هل تؤمن الشاعرة مليكة مزان بحرية المرأة المغربية اجتماعيا واقتصاديا وإلى أي مدى؟

ـ ج: الحرية التي أنشدها شخصيا للمرأة عامة لا أجدها بأي مجتمع مهما بلغت درجة تحضره. المنطق الذي يكبلها ويهينها ويستغلها سيبقى موجودا مادام هناك كائن أناني ماكر متجل في هذا الذكر أو ذاك الذكر.

ـ س: هل يمكن القول أن الشاعرة مليكة مزان شخصية ديموقراطية ومتحررة اجتماعيا ومنفتحة على الآخرين، وتؤمن بالرأي والرأي الآخر كما تؤمن بالتعددية السياسية؟

ـ ج: طبعاً، بل من شأن أي سمات أخرى لي غير هذه أن تنسف مشروعي الفكري والأدبي من أساسه. وأنا كشاعرة ذكية حريصة على عدم ارتكاب أي خطأ قاتل.

ـ س: هل يمكن القول أن الشاعرة مليكة مزان شخصية علمانية وليبرالية، أم نقول خلاف ذلك؟

ـ ج: الحرية في كل شيء ـ إلا في إلحاق الأذى بالآخرين ـ هو ما أنادي به وأدافع عنه ضدا على كل الاتجاهات الفكرية والدينية والسياسية الأشد عداوة للإنسان.

ـ س: هل للأستاذة مليكة أن تعطينا نبذة عن المرأة المغربية ثقافيا واجتماعيا؟

ـ ج: لا يمكن للمرأة المغربية (وهي بصفة عامة امرأة مسلمة) أن تحقق ذاتها ما لم تتحرر معرفيا وثقافيا، إذ كيف لامرأة مستلَبة مثلها أن تدرك ما سيحررها فعليا من نضال وحقوق، وهي أصلا لا تعرف للنضال طريقا ولا للحقوق أسماء ودلالات؟!

إنها امرأة ما تزال تعشق سجنها وتقبل قيودها، إنها امرأة تقدس جراحاتها، وتخدم جلاديها. إنها امرأة تجهل الحقوق والحريات، بل تخاف من كل حق لها وكل حرية. باختصار إنها امرأة علموها كيف تكره كرامتها وكيف تتقي سخط الذكور الأرضية منها والسماوية وما تعده لها (هذه الذكور) ولتمردها من سياط وسعير. وامرأة كهذه لا ينتظر منها أي تمرد ولا أي تغيير...

ـ س: هل تعتقد الشاعرة مليكة أن ما حدث في المغرب من تغيير في الحكومة لمصلحة الاسلاميين، هو في مصلحة الشعب المغربي والمرأة المغربية بالذات؟

ـ ج: وصول أعداء الحرية والكرامة إلى مناصب القرار لا يمكنه إلا الرجوع بالجميع خطوات فظيعة إلى الوراء، ومن ثم لا يمكنه إلا إلحاق الضرر بالمصالح الحقيقية لكل من الأفراد والمجتمع.

ـ س: هل للأستاذة مليكة أن تعطينا وجهة نظرها عن نظرة الرجل المغربي للمرأة المغربية وتعامله معها؟

ـ ج: إذا كان كبار المثقفين المغاربة من العلمانيين والتنويرين لم يستطعوا بعد أن يتخلصوا من نظرتهم السلبية التحقيرية الموروثة للمرأة، فكيف يمكننا أن نطالب الرجل المغربي العادي أن يغير من تلك النظرة؟! إننا، إن فعلنا، نكون قد طلبنا منه أن يأتي بمعجزة. التعامل الوحشي مع المرأة غريزة حاضرة بشكل مقرف ومأساوي في كل الأوساط المغربية النخبوية منها والشعبية.

ـ س: رأيي الشخصي أن وراء عذاب كل امرأة رجل، وكذلك وراء كل امرأة متخلفة رجل، ما هو تعليق الشاعرة مليكة مزان على ذلك؟

ـ ج: رأي صحيح إلى حد بعيد، وفي كل المجتمعات وكل العصور، وجولة خاطفة بمستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، أو بالسجون، أو بالمعامل والحقول، أو بالزوايا والأضرحة، أو بالأزقة والشوارع، أو بالمقاهي والحانات وبيوت الدعارة... تكفي لتأكيد صحته.

ـ س: يقال أن الرجل يملك جسده وكذلك هي المرأة، ولكل إنسان الحق بالتصرف فيما يملكه كما يشاء، هل تؤيد الشاعرة حرية تصرف المرأة بجسدها كما تشاء؟

ـ ج: الحرية كل لا يتجزأ، والحرية يجب أن تكون حقا للجميع وبالتساوي المنتظر. أؤمن أننا إما أن نكون جميعا أحرار في كل ما نملك، إناثا وذكورا، أو لا نكون. طبعا مع ما تستدعيه الحرية من تحمل كامل لمسؤولية النتائج الناجمة عنها.

ـ س: ما هو موقف الشاعرة مليكة مزان من حكم الاسلاميين للمغرب، وهل تتوقع لهم النجاح أو الفشل قريبا؟

ـ ج: الإسلاميون محكومون بالفشل حيثما حكموا. عليهم أن يدركوا أنه لا يمكنهم أن يدبروا مستجدات الحاضر المعقد والمتغير والمنفلت باستمرار بمنطق الثبات والتحجر أو منطق الحنين إلى إعادة تشغيل آليات كل فكر ماضوي مفلس مهترئ.

ـ س: ما رأي الشاعرة مليكة مزان بالتغيرات التي حدثت وتحدث في بعض أنظمة الحكم العربية، وهل ما يحدث هو ربيع عربي حقا، أم خريف عربي؟

ـ ج: من الظلم أن تستمر سرقة إنجازات شعب أمازيغي بأكمله. لذا أصحح هنا وأقول: هو ربيع محلي انطلق عاصفة خضراء في وجه أنظمة الحكم االعربية المستبدة بشمال إفريقيا بهدف الإطاحة بعهرها المستشري في المنطقة وبهدف التغيير. وهو لذلك إنجاز أمازيغي ديموقراطي بامتياز ولا فضل لأي عروبة فيه. لكنه لم يستطع أن يكون لحد الآن غير محاولة أمازيغية أولى بدا معها أنه من الصعب اجتثاث أي استبداد عربي ما لم يتم تحرير العقول أولا من وسائل الاستبداد العربي وأخطرها والمتمثل أساسا في الإيديولوجيا الدينية.

ـ س: هل تعتقد الشاعرة مليكة مزان أن التغيرات العربية تصب في مصلحة القضية الفلسطينية؟

ـ ج: "القضية الفلسطينية" تستفيد دائما من كل التغيرات سواء تمت في هذا الاتجاه أو ذاك الاتجاه، ويتم ذلك للأسف على حساب قضايا شعوب أخرى غير عربية بالمنطقة لا تقل عدالة عنها، هذا إن لم أقل أنها أعدل من "القضية الفلسطينية" بكثير.

ـ س: هل تعتقد الشاعرة مليكة مزان بأن ما يحدث في سوريا هو مؤامرة قطرية سعودية إسرائيلية، كما يقال وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية؟

ـ ج: العرب والغرب عامة متورطون، بسبب مصالحهم الخاصة، في كثير من مذابح هذا العالم وبشكل صارخ. ليكن من المؤامرات الدنيئة أو الجميلة إزاء شعب سوريا ما يكون. المهم أن تكون للشعب السوري مؤامرته الخاصة للرفض والتغيير وكذا نفَسه الطويل لتفعيل كل بنودها لكن بعيدا كل البعد عن السقوط في فخ الحلم بإقامة تلك الدولة الدينية المقيتة التي لن تجر على سوريا سوى المزيد من الموت والخراب.

ـ س: ما هو تقييم الشاعرة مليكة مزان ونظرتها للمرأة الفلسطينية؟

ـ ج: المرأة الفلسطينية تتمركز حول ذاتها وكأنها المتضررة الحقيقية الوحيدة من الأحداث المأساوية بهذا العالم. بل إنها لتوظف مأساتها لابتزاز نساء العالم ومنهن النساء الأمازيغيات. على المرأة الفلسطينية أن تنفتح على مآسي نساء أخريات ينتمين لشعوب مضطهدة بالجوار، بل وأن تعلن دعمها لهن وتضامنها مع قضاياهن.

ـ س: ما هو رأي الشاعرة مليكة مزان بمستوى الثقافة العربية بشكل عام، وفي المغرب بشكل خاص؟

ـ ج: رجاء، لقد حان وقت تصحيح كل الأخطاء التي ارتكبت عمدا في حق شعبنا وبلدنا الأمازيغيين. أول تلك الأخطاء بل أول تلك الجرائم المتعمدة هو تناسي هويتهما وتزوير تاريخهما وإبادة ثقافتهما. المغرب، يا إخوتنا العرب، ليس بلدا عربيا ولا هو شمال إفريقيا منطقة عربية، والثقافة العربية لدينا هي ثقافة دخيلة وغير إنسانية في أكثر تجلياتها، ويكفي أن نقف عند تبعات هذه الثقافة الدخيلة على أوضاع الإنسان المغربي والشمال الإفريقي وحقوقهما وحرياتهما ليتبين ذلك بوضوح وبشكل صارخ مؤلم.

ـ س: ما هي طموحات وأحلام الشاعرة مليكة مزان الشخصية والعامة؟

ـ ج: من بين أحلامي وطموحاتي أن أؤسس لعمل خيري هو عبارة عن دار لليتيم الأمازيغي الذي يبدو أن الضمير العالمي ـ في خضم انشغاله بالصراعات التي ترتبط بها المصالح الدنيئة للعرب وللمتعاملين معهم من القوى العظمى ـ قد أغفل محنته الخاصة وحقه المشروع في كل رعاية حقيقية شاملة.