السبت، ديسمبر 29، 2012

مليكة مزان : أفْضل المناضلين الأمازيغ مَن كان أكثرهم راديكالية !



(حوار أجراه الإعلامي المغربي موسى اليعوتي لصالح موقع "ميضار هوي")

نص الحوار:

ـ س: بعد الترحيب بك أستاذة مليكة مزان، وكسؤال تمهيدي حبذا لو تفضلت بنبذة قصيرة للقراء ولمتتبعي موقع "ميضار هوي" عن مليكة مزان الإنسانة والشاعرة المناضلة.

ـ ج: لا أحب القراء الكسالى لذا سأترك لهم مهمة تحديد من تكون مليكة مزان. ثم إنني ـ بعد عشرين سنة من النضال شبه اليومي كتابة وحضورا ميدانيا ـ أتمنى أن يغنيني الجمهور الأمازيغي، كما أغناني الجمهور العربي والجمهور الناطق بالعربية (الجمهور الكوردي والمصري والسوداني مثلا)، عن هكذا مهمة ليس هناك أبغض منها على قلبي، إذ من المؤلم جدا أن يعرفك الأجانب بكثير من التفاصيل ويجهلك مواطنوك ممن تتقاسم معها محنة الانتماء والنضال.

ـ س: كيف اختارت الأستاذة مليكة مزان الإبداع الشعري كوسيلة للدفاع عن الأمازيغية هوية وثقافة؟

ـ ج: لا أعتقد أن المبدع يختار إبداعه، بل الإبداع هو الذي يختاره. لو كان لي شخصيا أن أختار لوني الإبداعي لاخترت شيئا آخر، ولكن يبدو أن طبيعتي كإنسانة حساسة جدا هي من فرضت علي القصيدة، وليست أية قصيدة بل تلك القصيدة المنفلتة المتقدة بكل أتعابها وتبعاتها.

ـ س: ماهي قراءتك الآنية للنضال الأمازيغي الراهن ولمسار الحركة الأمازيغية؟

ـ ج: كنت أنتظر، مع بزوغ التباشير الأولى لربيعنا الأمازيغي الذي حصل لنا شرف تصديره إلى دول الشرق الأوسط وباقي بلدان المعمور، أن تنتهز الجماهير الأمازيغية المضطهَدة تلك الفرصة التاريخية للرفع من سقف مطالب شعبنا ولقلب الطاولة على كل المتعنتين ضد الحق الأمازيغي، لكن، وللأسف، لم يحصل ذلك كما كنت أشتهي، لذا لن أنسى أن أعبر عن خيبتي في الثورة الأمازيغية عبر كل شمال إفريقيا كلما وجدت لذلك منبرا وسبيلا.

ـ س: ما هي شهادتك المقتضبة حول كل من: محمد شفيق، أحمد الدغرني، محمد بودهان؟

ـ ج: كل هؤلاء الرجال أغنياء عن التعريف، يكفي أنهم من الرموز الكبيرة التي أعطت لثقافتنا الشيء الكثير، ولنضالنا في سبيل الحرية والكرامة معناه وصداه الكبير، لكن أفضل المناضلين الأمازيغ لدي من كان أكثرهم راديكالية ليس فقط في فضح كل أشكال تلاعب النظام الحاكم والتاريخ الرسمي بحقنا في الوجود، بل وفي طرح بدائل اعتراف وإنصاف لا يمكن للنظام، من دون تبنيها وتفعليها، أن يدعي بأنه قد رد الاعتبار لشعبنا الأمازيغي.

ـ س: كيف تنظرين لمؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؟

ـ ج: مع كل الانتقادات التي وجهت لهذا المعهد سواء لحظة خروجه للوجود أو على مدى قيامه بالمهمة التي جاء من أجلها (بما فيها انتقاداتي الشخصية له) أرى بأن إنشاءه، في ظل افتقار الأمازيغ لتلك الإمكانيات المادية الهائلة الكفيلة بالنهوض بثقافتنا الأمازيغية، كان خطوة جد حيوية خاصة حين تتخذ في محيط عدائي ليس لأي ثقافة أن تصمد فيه طويلا أمام كل أشكال التآمر والمكر.

غير أن المعهد لم يكن ولن يكون أبدا تلك المؤسسة/الحل الوحيد الكفيل بإنصافنا أرضا وهوية وثقافة، خاصة بالنظر إلى مهمته المحدودة في صفته الاستشارية التي لم ولن تسمح له بأي إمكانية لتغيير وضعية الأمازيغ في مجالات أخرى لا تقل حيوية عن مجال ما هو ثقافي محض.

ـ س: ما تقييمك لما يسمى بـ "حركة من أجل الحكم الذاتي للريف"؟

ـ ج: "الحركة من أجل الحكم الذاتي للريف" حركة مشروعة جدا، وذلك إذا ما تذكرنا ذلك المنطق الذي اعتمده النظام المغربي العروبي لاقتراح حل الحكم الذاتي للصحراء المغربية بهدف فض ذاك النزاع المفتعل القائم بينه وبين نظام عروبي آخر هو النظام الجزائري حول هذا الجزء العزيز من مغربنا الأمازيغي.

فإذا كانت الخصوصية الثقافية مثلا هي أساس ذاك الحل الذي اقترحه النظام المغربي فإن لكل منطقة منطقة في المغرب، "خصوصيتها" وبالتالي، وانسجاما وهذا المنطق الذي لا أتفق معه، من واجب النظام المغربي أن يمتعها بنفس ميزات الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

أما بمنطق آخر أكثر واقعية فإن الخصوصية الثقافية الأساسية والحقيقية للصحراء المغربية هي الخصوصية الثقافية الأمازيغية التي تتواجد بكل جهات المغرب، ومن ثمة يصير من غير الوارد أساسا ـ وحسب هذا المنطق الواقعي ـ  أن تدعي أي جهة من جهات المغرب خصوصية أخرى مزعومة، ومن ثمة أن تطالب بحقها في أي حكم ذاتي بما في ذلك صحراؤنا المغربية.

والحال هذه فإن حل الحكم الذاتي للصحراء المغربية المقترح من طرف النظام المغربي ـ وإن كان سيتم تحت السيادة المغربية ـ ليس له أن يوصف، في نظري، بغير تلك المؤامرة العربية الدنيئة على وحدة الكيان الأمازيغي في شمال إفريقيا.. أرضا وتاريخا، شعبا وثقافة، قضايا حيوية ومصيرا مشتركا.  

ذاك أن هذا الحل لن يكون سوى إمكانية بين أيدي الأقلية العربية في صحرائنا الأمازيغية لتمارس عنصريتها البغيضة ضد الأغلبية الأمازيغية هناك، تلك العنصرية التي ستجد في نظيرتها بشمال المغرب ووسطه وانفلاتها من أي عقوبة مثالا ناجحا وذريعة مشجعة على المضي في طغيانها.  

ـ س: هل من كلمة أخيرة للأستاذة مليكة مزان نختتم بها هذا الحوار؟

ـ ج: أحب فقط أن أسجل هنا ـ وبأقصى ما يمكن من مرارة ـ امتعاضي من هذا العجز التاريخي الذي يعاني منه الأمازيغ في أرضهم عن تصحيح كل الأخطاء التي ارتكبت في حقهم.

لكن أملي كبير جدا في الأجيال الأمازيغية الصاعدة والقادمة التي ستزداد وعيا بانتمائها وغيرة على وطنها وهويتها وثقافتها، والتي، لا شك في ذلك، ستسير قدما على درب النضال رافعة من سقف مطالب شعبنا المشروعة وصامدة حتى تحقيق كل مطالب شعبنا المشروعة.