الخميس، أكتوبر 23، 2014

مليكة مزان : تكويني الفلسفي فتح عينيﱠ أكثر على أوضاعنا كشعب أصلي



(حوار أجراه الإعلامي الأمازيغي ياسين أوشن لحساب جريدة "أخبار اليوم" المغربية
ولكن الجريدة رفضت نشره لأسباب لم تصرح بها)

نص الحوار:

ـ س: الأستاذة مليكة، بدءاً، حدثينا عن بداياتك في النضال من أجل نصرة القضية الأمازيغية؟

ـ ج: يمكن أن أقول بأن نضالي بدأ منذ أن أوحت لي بضرورته تلك الدمى التي كنت في صباي ألاعبها، فقد كانت دائماً دمى بئيسة، رثة الثياب، متسخة الملامح، مبتورة الأيادي أو الأرجل، في الوقت الذي كانت رفيقات لي في المدرسة (منحدرات من عائلات عربية غنية) يفتخرن بدمى جميلة يمتلكنها وألعاب أخرى في منازلهن الفخمة.

ـ س: هل لتكوينك الفلسفي علاقة بتمردك على الأوضاع؟

ـ ج: تكويني الفلسفي فتح عينيﱠ أكثر على أوضاع شعبنا الأمازيغي، وألهم نفسي نضالها وشغبها، بل "فجورها" وتقواها، لأكون هذه المناضلة الشرسة المثيرة للجدل على أكثر من صعيد ومستوى.

- س: هل لسفرك وإقامتك في بعض الدول الأوربية يد في هذا النجاح الذي بلغته؟

ـ ج: نجاحي صنعه صدقي واستماتتي في خدمة قضايا شعبي وقضايا إنسانية أخرى عبر العالم، فهناك من عبـَر الأرض طولا وعرضا ولم يصر بالضرورة كاتبا ناجحا، ولا مناضلا كبيرا .

ـ س: اطلعت على الكثير من كتاباتك باللغة العربية لاسيما في جنس الشعر، لماذا لا تكتبين بتيفيناغ ما دمت تدافعين عن القضية الأمازيغية؟

ـ ج: السر بسيط جدا هو أننا في المغرب وفي جل شمال إفريقيا نمر بمرحلة انتقالية تستدعي الكتابةَ بأكثر الوسائل قدرة على إبلاغ أعداء الأمازيغ معاناة هذا الشعب وباللغة التي يفهمونها وهي اللغة العربية.

ـ س: بماذا تردين على من ينعتونك بالمتعصبة للغة والثقافة الأمازيغيتين؟

ـ ج: تعصبي ليس سوى نتيجة حتمية، ورد فعل قوي ومشروع على تعصب هؤلاء الأعمى للغتهم وثقافتهم، ولهؤلاء أقول بمنطق دينهم لعلهم يتوقفون عن غيهم:

في دينكم الذي لا تكفون تتفاخرون بإنسانيته وبرحمته أليس البادئ أظلم والدفاع عن النفس حقا مشروعا، وأن الأمازيغ، في كل حالات دفاعهم الشرعي عن أنفسهم وحقوقهم، بكل تعصب مضاد هُـم الأولى؟

ـ س: كيف تقرئين الفصل الخامس من دستور 2011؟

ـ ج: هو فصل متناقض مع كل منطق سليم وحق مشروع، وهو بذلك لا يختلف في شيء عن أغلب الفصول التي وردت في الدستور "الجديد"، تلك الفصول التي في مجملها تتحيز لثقافة ومصالح أقلية عربية ضدا على ثقافة ومصالح الأغلبية الأمازيغية الساحقة، تماما كما تتحيز لحق ومكانة الذكور ضدا على حق ومكانة الإناث لتكرس بذلك مختلف أشكال الاستبداد والظلم، وهو تحيز انتبه شعبنا الأمازيغي إلى خطورته منذ البدء وشرع يطالب بدستور أكثر ثورية، أي أكثر إنسانية، أي أكثر عقلانية، أي أكثر عدالة مما يجود به عليه النظام الحاكم .

ـ س: أُعجبت كثيرا في الآونة الأخيرة بـ الكورد، ما الذي يمثله الكورد بالنسبة إليك؟

ـ ج: الكورد شعب ذو حق مشروع، وأنا معجبة به منذ زمن طويل، بل وبكل شعب ثائر مثله في سبيل نيل كامل حقوقه. أتمنى لو أن شعبنا الأمازيغي اتخذ من الشعب الكوردي تلك القدوة القوية الرائعة في مجال الدفاع عن النفس.

ـ س: تصريحاتك في الآونة الأخيرة أساءت للأمازيغ وخلفت استياء عند الكثير منهم، ما هو ردك على ذلك؟

ـ ج: على الأمازيغ، قبل أن يعبروا عن أي استياء منهم لما أقوم به، أن يكونوا أولا في مستوى ذكائي ومستوى صدقي وتضحياتي ومبادراتي. في هذه الحالة فقط يمكن لهم التبرؤ مني، أمَا وأنهم شعب خائن لقضاياه، مهزوم في عقر داره، فما على هكذا شعب سوى التصفيق لنضالي بكل حرارة وفخر، أو على الأقل عليه التزام الحياد والصمت.

ـ س: ما موقفك من التصريح الذي صرح به وزير التعليم مؤخرا في ندوة قام بها في الرباط في "وكالة المغربي العربي للأنباء" حينما قال: "دسترة اللغة الأمازيغية لا يعني تدريسها"؟

ـ ج: أولا هي "وكالة المغرب الكبير للأنباء" وليست وكالة أي مغرب عربي، ثانيا وقياسا على منطق هذا الوزير غير المتبصر واللاوطني في مواقفه سأقول بأن ما يراه هذا الوزير ينطبق على اللغة الأمازيغية يجب أن ينطبق أيضا وبالدرجة الأولى على اللغة العربية قبل غيرها، فدسترة اللغة العربية لا يجب أن يعني بالضرورة تدريسها خاصة وأنها ليست لغة الشعب، بل سأقول (حسب منطق هذا الوزير دائما) بأن كل ما جاء في الدستور المغربي الجديد لا يجب أن يعني المغاربة في شيء، ومن ثمة هم غير مطالبين بالتقيد به ولا بالتصرف حسب مقتضياته، مما ستعم معه الفوضى ويصير لكل مواطن مغربي دستور خاص به لا يلتزم بغير ما جاء فيه.

ـ س: قررتِ قبل أيام الاحتجاج أمام مقر منظمة الاتحاد الأوروبي بالرباط. كيف تعاملت السلطات معك؟ ولماذ قررت الاحتجاج أصلا أمام مقر هذه المنظمة؟

ـ ج: لأني أختار دائما وبدقة بالغة أماكن احتجاجي واعتصامي فإن السلطات المغربية تعودت أن تتعامل مع مبادراتي النضالية بما ينبغي من حذر، ذاك أنها مبادرات قوية وذكية للاحتجاج، مبادرات أضع بمناسبتها النوايا الحقيقية لكل من الملك والحكومة إزاء شعبنا الأمازيغي في محك دولي لا يرحم، وتصير معها سمعة بلدنا "الجميلة"، بل و"الوضع المتقدم" (الذي ناله من منظمة الاتحاد الأوربي فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان) معرضين لكل أنواع الخطر. ولعل هكذا تعامل حذر فرضتُه فرضا على السلطات المغربية مع أي احتجاج أمازيغي ذكي، كما فرضتُ الكتابة باللغة الأمازيغية على إدارة مطار محمد الخامس بطريقتي النضالية الأصيلة، أقول لعل كل ذلك من أجمل ما حققته شخصياً لقضيتنا الأمازيغية العادلة.