الخميس، مارس 27، 2008

إدريس الهبري : لا للإرهاب الفكري ...

( حملة تضامن مع الشاعرة مليكة مزان على إثر حجب موقعها بتجمع ’’ مدونات مكتوب ’’ )

بعد كل الجدل الذي تمخض عن خاصية " أبلغ عن إساءة "، وبعد حسمه من قبل إدارة مدونات مكتوب لفائدة إلغاء تلك الخاصية من الأماكن التي تم تثبيتها بها إلا من رأس صفحات المدونات، وقفنا نحن الذين كنا ندافع عن حرية الفكر والكتابة وقفة إجلال وتقدير عظيمة لإدارة مكتوب على موقفها الشجاع والجريء، موقف دفع بنا إلى التمسك أكثر فأكثر بهذا الفضاء التدويني الضامن لحق الرأي والتعبير...

لكننا نلحظ اليوم ظهور أوصياء ينفذون ما عجزت خاصية "أبلغ عن إساءة" عن تحقيقه، مدونون وجدوا في الدين عملة رائجة لتسويق بضاعتهم، فجعلوا منه صهوة يمتطونها متى أرادوا للانتشار كالجراد على حساب حرية الفكر والكتابة...

لقد صاروا يتناسلون، يتكاثرون، لا هم لهم غير ترصد المدونين وتعقبهم، وكيل الوعيد والتهديد لهم، يحدث هذا في تغييب تام لدور إدارة مكتوب، وكأنهم بذلك ينعون لنا موت مهمتها وميلاد دورهم في الرقابة وبيدهم مقص الرقيب اللعين...

فمن أوصاهم؟؟؟
من عينهم رقباء علينا؟؟؟
من منحهم حق تعقب كتاباتنا؟؟؟
من أعطاهم هذا الهامش الرحب للتحرك نحو تضييق الخناق على الأقلام الحرة؟؟؟
من سماهم أوصياء على الدين؟؟؟
هل الإسلام حكرا عليهم وحدهم دون غيرهم؟؟؟

وأنا أتخلص من آخر التزاماتي الشخصية لأعود إلى مدونتي التي هجرتها فترة من الزمن، توصلت بخبر شطب مدونة الزميلة مليكة مزان، هذا الحذف الذي يندرج ضمن الحملة المسعورة التي يقودها ثلثة من المدونين الذين نصبوا أنفسهم أولياء على مدونات مكتوب وباقي المدونين...

هنا، لابد من طرح السؤال:
أين هي إدارة مدونات مكتوب من كل الذي يجري؟؟؟
هل سلمت مفاتيح القيادة لهذه الثلة كي تقود سفينة مكتوب من دون شعار "حرية الفكر والكتابة"؟؟؟
هل قدمت إدارة مكتوب استقالتها الجماعية لتتولى هذه الثلة الإشراف على المدونات لتحذف ما شاءت وتبقي ما شاءت؟؟؟
هل هي حرب معلنة على كل الأقلام الحرة من قبل هؤلاء المنتفعين من الدين وبياعي الدجل ومروجي الإسفاف والهبوط الإبداعي والفكري؟؟؟

أسئلة كثيرة تراودني اللحظة وأنا أخط هذه السطور، أسئلة مرتبطة بالمستقبل والمصير، أسئلة تتجه نحو إعادة النظر في شعار "حرية الفكر والكتابة" مرة أخرى، أسئلة تدفع إلى الشك في التوجه والمنهج الذي صارت تعتمده إدارة مكتوب مؤخرا...

ما هكذا تورد الإبل يا مكتوب،
ما هكذا نحصن حرية الفكر والكتابة ونصونها ونحميها من سدنة الظلام المنافقين المتملقين،
ما هكذا نحفز الإنسان العربي على الإبداع والابتكار والعقل،
ما هكذا نضمن نجاحنا في تثبيت قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ونفلح في ضمان استمرار هذه القيم حتى قدوم الأجيال اللاحقة،
ما هكذا نعطي صورة مشرقة للآخر عنّا نحن معشر العرب،
ما هكذا نغير من الصورة النمطية التي شكلها الغرب عن العرب والمسلمين،
ما هكذا تتقدم الأمم،
ما هكذا تقوي الأمصار مجتمعاتها واقتصاداتها وتحوز احترام الآخر لها،
ما هكذا بالإمكان أن ننافس الآخر في التقدم والتطور،
ما هكذا يمكن أن يخرج من بين ضلوعنا مبدعون ومفكرون وأدباء وأعلام يجتهدون في البحث عن سبل إحداث نقلة جريئة وقوية ننتقل بموجبها إلى مصاف الأمم المتقدمة،
لقد ضقنا ذرعا بكل هذه الوصاية المتملقة المنافقة الانتهازية،
لقد صرنا نتنفس، هنا بمدونات مكتوب، هواء مشوبا بالقمع والإرهاب الفكري والنفسي ...

لا يمكن أن نمارس غواية الكتابة وجنون الإبداع وسيف الرقابة مسلط على أعناقنا، لا يمكننا البقاء داخل فضاء لا يمنحنا غير هواء ملوث، لا يمكن أن نفوض أمر مصائرنا لغير محتضننا الذي تعاقدنا معه قُبيل إنشاء مدوناتنا، أما ما عداه ممن عادى حرية الفكر والكتابة فليشرب من الأطلسي وإن لم يطفئ نار عطشه الظلامي البئيس فليولي وجهه قبلة الخليج ...

لماذا نرحل نحن ولا يرحل أعداء حرية الفكر والكتابة ؟؟؟
أم أنهم يعتبرون مدونات مكتوب مقاطعة تابعة لأسامة بن لادن؟؟؟
لقد صار بإمكانهم منذ الآن أن يتدججوا بأحزمتهم الناسفة ويفجروا أنفسهم في وجه كل مدونة تؤمن بالحرية وتدافع عنها...

لا أحد منّا باستطاعته أن ينكر أنا جئنا لمدونات مكتوب، لهذا المجتمع التدويني العربي، هروبا من مقص الرقيب ومطاردات المخبرين وسلاسل وهراوات الظلاميين التي كانت تتمكن منّا قبل كلاب النظام وحراسه الأوفياء، لا أحد بإمكانه أن ينكر أن الظلام يجتهد في إرخاء سدوله حتى على هذا العالم الافتراضي، يحاول جاهدا أن يلفّنا تحت عباءته النتنة ويخنقنا حتى موت العقل عدوهم اللذوذ...

مليكة مزان، هي اسم واحد من بين أسماء قائمتهم السوداء الطويلة، ومحتمل أن تتساقط رؤوس أخرى في المستقبل القريب إذا لم تلجم إدارة مكتوب طموحاتهم، لأنهم يتطلعون إلى تحويل مدونات مكتوب إلى معسكر شبيه بمعسكرات أفغانستان لتفريخ الإرهاب والانتحاريين، معسكر يصنِّعُ أعداءً للعقل والفكر والحرية...

وصيانة لحق الزميلة مليكة مزان في التعبير والإبداع، أعلن تضامني معها في محنتها، وأطالب بإعادة مدونة الزميلة رحمةً بحرية الكتابة والفكر...

ــــــــــــــ

*إدريس الهبري : مدون مغربي ـ عضو اللجنة التأسيسية لتجمع المدونين المغاربة .