الأربعاء، مارس 26، 2008

جمال المحدالي : قراءة في قصيدة : يوغرطة وزمن من شوارع روما ...

إن الرموز التي تطفو على جغرافية القصيدة وحدها تقول بأن الشاعرة تنطلق من رؤية شعرية للعالم مغايرة لما كان يحاول الخطاب الرسمي تكريسه على مستوى الكتابة الإبداعية والنقيدية بالمغرب لدرجة أن بعض جهابذة الأدب المغربي الحديث ما زالوا لا يستسيغون سماع تلك الرموز وغيرها الخارجة عن معجم المشرق العربي.

لكأن قدر هذه الأرض المسماة " بلاد تامازغا " هو أن لا تقرأ تاريخها إلاّ وهو مكتوب بحروف الغير وبعينه. وقصيدة ’’ يوغرطة ... ’’ تقول الشيء الكثير من مرارة هذا الشرط الأنطولوجي الكامن خلف مأساوية كل ما هو أمازيغي ... وطريقة تناولك لشخصية يوغرطة تعكس ذات الإضطراب، على ما يبدو لي، وهو القائل في القصيدة:

’’ فكوني ،
كما الخياناتِ لا تخوني ’’

وما يبيّن تميز القصيدة، كذلك ، يتبدى في حضور تيمة الخيانة فيها، وباختصار فإن ذلك الحضور الخائن للخيانة في النص، ذكرني بموقف متميز للراحل رولان بارت حيال كيفية مواجهة سلطة اللغة ، التي لا خارج لها كي نحلم بالهروب إليه، فأمام هذا الوضع المعقد والكارثي لسلطة اللغة يدعونا رولان بارت إلى خيانة اللغة كشرط مسبق للتحرر من سلطتها، ويسمي تلك الخيانة، أو تلك الخلخلة للغة، باللعمل الآدبي، أو الآدب على الإطلاق، أي تلك الممارسة اللغوية التي تسمح لنا بالتحرر من اللغة داخل اللغة وبواسطتها. وقصيدتك ذاك ما ترومه.

وفي انتظار مساهمات جديدة وغزيرة، تحية متجددة أبدا.

جمال المحدالي
جبال الريف / المغرب
بتاريخ 14 يناير 2006