الخميس، سبتمبر 19، 2013

مليكة مزان : الصدمة التي تلقيتها في المطار جعلتني أتساءل عما إذا كنت قد عدت إلى وطني وأرض أجدادي المغرب أم عدت إلى مجرد مستعمَرة !



(حوار أجراه محمد أمزيان صحافي بقناة هولندا العالمية لصالح موقع "أنوال")

مقدمة الحوار:

في حوار خصت به موقع "أنوال" أوضحت مليكة مزان الشاعرة الأمازيغية المثيرة للجدل أسباب اعتصامها في مطار محمد الخامس مؤخرا بعد عودتها من رحلة إلى سويسرا وقالت إن رفض استمارة الدخول التي كتبتها بحروف تيفيناغ هو "سلوك عنصري في حق مواطنة من الشعب الأصلي" .

وأضافت أن الصدمة التي تلقتها في المطار جعلها تتساءل عما إذا كانت عادت لوطنها وأرض أجدادها أم عادت إلى مجرد مستعمرة.

الشاعرة التي دأبت على نشر قصائدها وأفكارها على صفحتها في الفيسبوك لها آراء صادمة بالنسبة للكثيرين بحسب ما يظهر من تعليقات رواد الصفحات الاجتماعية، وخاصة ما يتعلق بآرائها في الدين الإسلامي والعرب.

لتسليط الضوء على حقيقة قناعاتها ومواقفها إلى القارئ المهتم الحوار التالي:

نص الحوار:

ـ  س: ما قصة اعتصامك في مطار محمد الخامس مؤخراً؟ ولماذا؟

ـ ج: كان رفض السلطات المغربية لاستمارة وصول من الديار السويسرية حررتها باللغة الأمازيغية وبحروف تيفيناغ صدمة قوية دفعتني إلى إعلان غضبي إزاء هكذا سلوك عنصري في حق مواطنة من الشعب الأصلي، وجعلتني أتساءل طيلة تواجدي في المطار:

"هل أنا بصدد عودتي إلى مغرب أمازيغي، مغرب هو وطني وأرض أجدادي، أم أني فقط ألتمس الدخول إلى مجرد أرض كانت يوما ما وطنا لي، واليوم هي مجردة مستعمرة عربية إسلامية ممنوع علي الاقتراب منها إلا بشروط تملى عليَّ إملاءً من مغتصبها ومغتصبي؟! " .

من هذه الصدمة القوية وغير المرتقبة بالنظر إلى روح الدستور الجديد ومضامينه كانت فكرة وبداية اعتصامي.

ـ س: ماذا عن أسرتك، هل تساندك في ما تكتبين وتفعلين أم تعارضك؟

ـ ج: أسرتي جزء من هذا الشعب المستلَب الجبان. فماذا تنتظر من هكذا أسرة غير ما تجرعته من هكذا شعب؟!

ـ س: هل أنت شاعرة متمردة أم شاعرة ذات قضية؟

ـ ج: لأني لست شاعرة ذات قضية واحدة فقط، بل ذات قضايا عديدة تؤمن بعدالتها أيما إيمان ـ لكن يستخَف بها أيما استخفاف ـ فقد صرت بالضرورة هذه الشاعرة المتمردة العصية على كل تدجين أو تهديد أو إغراء.

ـ س: هل تعتقدين أن طريقتك في الدفاع عن الأمازيغية يخدم القضية؟

ـ ج: لا شك في ذلك، بل لا أحتاج إلى منحك على ذلك أي دليل، لأن هناك أكثر من دليل، ومن لا تشرفه طريقتي في الترافع لصالح الأمازيغية أو لم تقنعه فليبدع لنا طريقة أنجع أو فليصمت!

ـ س: هل تكتبين الشعر بالأمازيغية؟

ـ ج: أن أكتب شعري بلغتنا الأمازيغية هم لم يشغلني أبدا، تماما كما لم يمنعني عجزي عن كتابته بتلك اللغة أبدا عن مواصلة النضال.

عموما أعتبر شعري شعرا أمازيغيا، بل لن يكون إلا شعرا أمازيغيا حتى ولو كتب بلغة الصينيين أو بلغة الجن ما دام شعرا نابعا من وجدان أمازيغي جريح، وما دام شعرا يسعى للانتقام لكرامة أمازيغية مهدورة ولإحياء ذاكرة أمازيغية ملغاة، وما دامت رسالته الإنسانية الحضارية رسالة أمازيغية نجح في تبليغها لأعداء وأصدقاء الإنسان على حد سواء.

ـ س: ما الأسهل في نظرك: الكتابة بالأمازيغية أم الكتابة بالعربية؟

ـ ج: الأمازيغية لغة أحترمها لذلك لا أكتب بها. لا أكتب بها لأني لا أريد أن أسيء إليها بكل الأخطاء التي قد أرتكبها بسبب عدم إتقاني لها لأسباب تاريخية وسياسية معروفة.

أما العربية فهي أسهل عليَّ بكثير لأن أهلها سهروا كثيرا على تعليمي إياها، وبذروا في سبيل ذلك من أموال شعبي الأمازيغي ما بذروا، غير منتبهين إلى أنهم، في نفس الوقت، إنما يزودونني بوسيلة ناجحة لفضح جرائمهم في حق شعبي وحق ثقافتي الأم وبكامل إتقان وكامل سهولة. وأنا أشكرهم على ذلك بقدر ما أشمت فيهم، والحال هذه سيكون من الغباء أن أختار غيرها ما دامت تفي بالغرض، غرض الدفاع عن هويتي وثقافتي المغتالتين بأيديهم الوقحة.

ـ س: هل تشاركين في قراءات شعرية فيها شعراء عرب؟

ـ ج: المشاركة في هكذا قراءات ستكون واجبا وطنيا وقوميا، بل وتواصلا إنسانيا جميلا مع الآخرين، لكن من أجل هكذا مشاركة لا بد أولا من أن أتوصل بدعوة ما لأية مشاركة، وهي دعوة لا تأتي، وأعرف أنها لن تأتي، وإن حدث وأتت فيما سلف فسرعان ما كان يعتذر عنها أصحابها.

ـ س: تصفين العرب بأوصاف مختلفة، ألا يدخل ذلك في باب العنصرية؟

ـ ج: لا يمكن لمناضلة مناهضة مثلي لكل أشكال العنصرية في حق الإنسان أن تمارس عنصريتها الخاصة على الآخرين، فمستنكر السلوك الهمجي المشين لا يأتي بمثله إلا إذا كان ذاك المجنون، وأعتقد أني لست مجنونة بما يكفي لأسقط في هكذا خطأ رغم ادعاء الحاقدين. كل ما أفعله في نضالي هو أني أسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية وأدل الناس عليها مستعينة بصفاتها الصارخة.

ـ س: هل أنت مناهضة للإسلام فقط أم لكل الديانات؟

ـ ج: مهمتي التاريخية الإنسانية هي أن أناهض كل ما من شأنه أن يُستعمل كوسيلة لاستغلال الإنسان حتى ولو كانت هذه الوسيلة هي إرضاء الله نفسه.

ـ س: لو لم يكن الإسلام من منشأ عربي، هل كنت تنتقدينه بنفس الحدة؟!

ـ ج: لأن الإسلام من وحي منطق ذكوري صرف يصعد تارة من مستنقعات الأرض أو "يتهاطل" علينا تارة أخرى من الفضاء، ولأنه دائما هو ما هو عليه رغم كل محاولات التبرئة والتنزيه، فما زلت شخصيا في بحث دائم عن دين أرقى يكون في مستوى انتظاراتي كأيما أنثى متمردة تسعى لفرض احترامها على الجميع، وكأي حيوان قدره أن يمضي كائنا ميتافيزيقيا حتى الموت.

ـ س: كيف تنظرين إلى المسلمين الأمازيغ؟!

ـ ج: نظرة إشفاق وحسرة وحزن...

ـ س: هل لديك اتصالات بالجماعات التي تسمى "الملحدون العرب"؟

ـ ج: لست ملحدة ، أنا أكبر المؤمنات والمؤمنين، بل وأصدقهم جميعا، لكني لا أريد لأي نبي ولا لأي دين سماوي أن يكون له أي فضل عليْ.

ـ س: هل تمردك الثقافي والديني تعبير عن تمرد سياسي؟

ـ ج: هو تمرد على بناء بكامله وعلى أكثر من صعيد، تمرد مدجج بمكر ذي نوايا حسنة، مكر  ينتقي أهم اللبنات التي يعتمد عليها مجتمع متخلف ونظام فاسد ليضرب فيها عميقا وبقوة. وليس تمردي الماكر هذا سوى إعلان صارخ مني لرغبة جميلة ومشروعة في إعادة البناء.

أفعل ذلك وكلي ثقة بأن المستقبل مبشر بكثير من التغيير الإيجابي في العقليات والممارسات، ذاك أن الصيرورة والسعي إلى الكمال هما جوهر الأشياء ومصيرها، وأبدا لن ينفع المسكونين بعشق الثبات وتقديس كل نقص وقبح تشبثُهم الأحمقُ بأهدابهما لأن زمن التغيير قد حل، ولا مرد لقضائه وقدره.

ــــــــ

*مقدمة من وضع موقع "أنوال".