الثلاثاء، نوفمبر 04، 2014

مليكة مزان والجنس : لكي تفهموا الحكاية جيدا


بقلم الأستاذ " المختار الغزيوي " / صحافي بجريدة الأحداث المغربية 

نص المقال  :

كيف يمكنك أن تشعل النار في جسد شعب بأكمله لمجرد تلويحك بقليل من الكلمات التي تحتمل كل أنواع التأويلات ؟

ذلك هو السؤال الذي أجابت عنه باقتدار رائع مليكة مزان، المناضلة الأمازيغية، ولن أقول الشاعرة التي سبق لها وأشعلت حرائق عديدة في العقل الجماعي النائم يوم دعت كل جنود كردستان الحرة للمرور فوق جسدها معبرا نحو المقاومة ...

كل من قرأ مزان في دعوتها الأولى من أصحاب العقل السليم، رأى فيها دعوة خارج المصرح به لنضال من نوع آخر تتبنى فيه قضية كردستان، وتساند قتال كوباني من أجل عفتها وجهادها الفعلي في أوجه قتلة الدين المتشبعين بكل جهل الكون لإعلاء راية التخلف.

وحين أتت مليكة مزان إلى برنامج “ قفص الاتهام” الذي انفرد باستضافتها في حلقة متميزة للغاية على إذاعة “ميد راديو”، شرحت بالمجرد من القول لمن لا يفهمون من الكلام إلا معانيه الأولى، أنه من الصعب عليها أن تنام مع كل كردستان، وأن ما صرحت به هو مجرد تعبير شاعري عن تضامنها مع من تتصورهم يحملون هموم قضية تشبه قضيتها.

للأسف الشديد أو لحسن الحظ – الأمر سيان في نهاية المطاف – لم تفهم الجموع ولن تفهم على كل حال ما أرادت مليكة قوله، وبقيت الأغلبية الغالبة مقتنعة أن هذه السيدة تتحدث بالمستوى الأول للكلام، وتريد من كل شبان الكرد أن يأتوا إلى المغرب وأن يضاجعوها لكي يطفؤوا ظمأها الجنسي الكبير.

في مثيل  هاته الحالات يكون غباءا أن تحاول إقناع الأغبياء، ويكون الأفضل هو أن تسايرهم في هواهم، وأن تقذفهم بالمزيد من هذا الذي أزعجهم، وخلق لهم كل حالات الارتباك التي تدفعهم إلى مواقف رد الفعل الأكثر جنونا .

ذلك بالتحديد ما فعلته مليكة : 

قذفت الجموع بالمزيد مما تريد قراءته سرا ثم تسبه علنا. قذفتهم بالتباسات غريبة لحكاية كلامية جمعتها مع أحمد عصيد. انتقت الكلمات بذكاء تحسد عليه. ربطتها مع بعضها البعض، دبجت فيها كثيرا من معاني الجسد وكلام التقاء الأجساد، ثم لعبت بشدة على كل ما قيل في وقت سابق عن علاقات حقيقية أو متخيلة مع العديدين وقالت ما قالته من كلام.

العقل السوي – على افتراض أن هذا الشيء المسمى عقلا سويا يوجد معنا اليوم على هاته الأرض – سيقرأ ما كتبته مليكة قراءة واحدة من اثنتين : 

إما أنها تقصد فعلا وحرفيا كل ما كتبته وتروي حكايات حقيقية تشوه به سمعتها وسمعة من تحكي عنهم، وهنا ستكون أكثر خلق الله جنونا لكنه جنون من النوع السيء، أي المرضي اللازم البحث له عن علاج فعلا وفوري.

وإما هي تقصد بخيالها المزيد من تحريك الراكد من تفكير الناس لدينا، وتعرف نقطة ضعف الجموع التي تجعل هاته الأخيرة تقرأ أي كلام نكتبه من البدء حتى الختام وهي الجنس. 

ودون أن أعرف شخصيا مليكة أتصور أنها تميل إلى الاقتناع الثاني لأنها عبرت عنها بعظمة لسانها في “قفص الاتهام”، يوم استضافها وقالت ما معناه إنها تكتب منذ سنوات عديدة لكن لا أحد انتبه لها، وفقط حين كتبت عن استعدادها لمضاجعة الجيش الكردي كله في كوباني انتبه المغاربة لوجودها وأصبحوا يبحثون عن اسمها في “غوغل” ويتبادلون فيما بينهم مقالاتها وأخبارها وكل ما تفعله.

علينا الاعتراف أنها الحقيقة : 

هذا الجهل المتفشي فينا يجعل أغلبيتنا ترفض قراءة الأشياء المصنوعة للقراءة، ولا تقبل على نقاش إلا إذا دبجته لها بواحدة من توابل الجنس أو الدين أو السياسة بمعناها الرخيص.

نعم، هو الكبت الجماعي يعبر عن نفسه بهاته الطريقة، ومليكة استطاعت من حيث تدري فعلا أن تلعب بهذا الوتر الحساس وأن تدفع العديدين إلى تسقط أخبارها وأخبار ما تكتبه المرة بعد الأخرى، فقط لأنها فهمت أنه من الممكن أن تقول للناس اليوم أي شيء بعد أن تدبج كلامك وتبدأه بعبارة جنسية. حينها فقط سينصتون إليك .

يقولونها في السخرية من أمة إقرأ التي لم تعد تقرأ هاته : 

إذا أردت من العرب أن ينتبهوا لمقال لك أو فيلم أو أغنية أو قصيدة أو مسرحية أو ماشابه، يكفيك أن تكتب عليها عبارة “ممنوع على أقل من 18سنة”، أو أن تصدرها بكلمة فضيحة جنسية، وكن على يقين أن الجموع ستتابع ما نشرته فيها ولها لكي تلتقي مع هذا البعبع المسيطر على كيانها طالما لم تحقق إشباعها الفعلي فيه والمسمى : الجنس.

قد يقول القائل “هاهو عاوتاني كيهضر على الحريات الجنسية أو الفردية وما إليه، نطلقو عليه النهاري”.

سأرد على القائل بهدوء “ماتطلقو علينا والو، نحن نتحدث فقط مثلما تفعلون ، وأنتم لا تتوقفون عن الكلام”. وعادة من يتحدثون كثيرا عن شيء لا يمارسونه إلا لماما.

حلل وناقش…

إذا كانت لديك قدرة على التحليل والنقاش بطبيعة الحال .